جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
السراج الوهاج للمعتمر والحاج
48094 مشاهدة
الميقات الأول ذو الحليفة (أبيار علي)

وهو ميقات أهل المدينة ومن أتى على طريقهم، ويسمي الآن (أبيار علي)، وينبغي الانتباه بأن تسميته (أبيار علي) جاءت به الرافضة بزعمهم أن عليا -رضي الله عنه- قاتل الجن في بئر هناك كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى 26-29؛ فينبغي هجر هذه التسمية، وتسميته بالاسم الشرعي وهو: (ذو الحليفة) .
وهذا الميقات هو الذي كان يحرم منه النبي -صلى الله عليه وسلم- ويحرم منه الصحابة، ويحرم منه أهل المدينة إلى يومنا هذا، وقد امتد البناء إليه أو قرب منه، ثم تجاوزه في داخل البنيان.
وهو أبعد المواقيت من مكة؛ فبينه وبين مكة عشر مراحل.
والمرحلة هي: مسيرة الراكب على الرواحل القديمة من أول النهار إلى آخره، كانوا يسيرون بين ذي الحليفة ومكة عشرة أيام، أي يسيرون النهار، ويبيتون الليل، هذا معنى قولهم: عشر مراحل.